سياسة

هكذا تحَوِّل “سلطة الأمر الواقع” السويداء إلى ساحة للصراع بالوكالة

في استراتيجية واضحة تواصل ما يُعرف بـ “حكومة سلطة الأمر الواقع” في دمشق ، والتي يترأسها أبو محمد الجولاني، تنفيذ خطتها الطموحة والخطيرة لتطويق محافظة السويداء وكسر إرادة أهلها. لا يأتي هذا الحصار العسكري والاقتصادي من فراغ، بل هو جزء من مخطط أوسع يستخدم أدوات محلية من أبناء الجبل نفسه، أمثال “ليث البلعوس” و”سليمان عبد الباقي”، وسيدهم ” مصطفى بكور ” الذين تحولوا إلى حصان طروادة لمحاولة اختراق المكون الاجتماعي الأكثر تماسكاً في سوريا.

تماشياً مع سياسة الخنق المنهجي، أعلن “مصطفى بكور” – مبعوث السلطة إلى المحافظة – عبر منصات إعلامها، عن توسيع دائرة الحصار الجائر على أبناء السويداء. هذه المرة، لم تستهدف الآلية الجديدة المواطن العادي فقط، بل توجهت نحو شريحتين حيويتين: الموظفون ومحطات الوقود.

وبموجب القرار الجديد سيتم تسليم رواتب الموظفين عبر بلدة المزرعة (الواقعة تحت سيطرة سلطة الأمر الواقع )، حيث يُجبر مديرو الدوائر ومعتمدو الرواتب على التنقل برفقة “الهلال الأحمر” لتسلم مستحقات موظفيهم، ليعودوا تحت “الحماية” ذاتها.
كما سيتم ترصيد محطات الوقود عبر آلية مماثلة، تُلزم أصحابها بإيداع أموالهم في نقطة مالية سيتم إنشاؤها خصيصاً في “المزرعة”، مما يضعهم تحت رحمة سلطة الجولاني فعلياً.

الشرخ الجغرافي والمجتمعي المقصود
هذه الإجراءات ليست مجرد عقوبات اقتصادية عابرة، بل هي أدوات لتنفيذ استراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى:

1. خلق “سويداء غربية” موالية: تسعى سلطة الجولاني، عبر أدواتها المحلية، إلى فصل المنطقة الغربية من المحافظة (حيث يوجد نفوذ لها) جغرافياً وخدمياً. الهدف هو توفير “كل المسلتزمات” والخدمات لهذه المنطقة، لتصبح نموذجاً يُعرض على أهل السويداء تحت شعار “الانضمام مقابل الخدمات”، في محاولة لشراء ذمم أصحاب النفوس الضعيفة وخلق شرخ مجتمعي.
2. خلق “سويداء شرقية” تحت الحصار: في المقابل، يتم ترك بقية مناطق المحافظة، وخاصة مدينة السويداء ذاتها، تحت طائلة حصار اقتصادي خانق. ويتم حرمانها من الرواتب والوقود والمواد الأساسية، تُحاول السلطة خلق واقع من المعاناة اليومية لاستمالة الناس وإجبارهم على القبول بشروطها والخضوع لسيطرتها غير المباشرة.
3. تطبيع وجود السلطة: جعل التنقل إلى “المزرعة” أمراً روتينياً للحصول على أبسط الحقوق (كالراتب) هو محاولة لتمرير وتطبيع وجود هذه السلطة وفاعليتها كجهة أمر واقع، وهو ما حذرنا منه سابقاً في مقال سابق على موقع أحوال بعنوان “سليمان عبد الباقي: حصان طروادة حكومة الجولاني للسيطرة على السويداء”.
خلاصة :
ما يحدث هو حرب استنزاف بطيئة تستهدف نفسية الإنسان في السويداء قبل اقتصاده، إنها محاولة لتحويل الجبل الصامد إلى ساحة للصراع بالوكالة، حيث يُستخدم أبناؤه كأدوات لضرب بعضهم بعضاً. ومع ذلك، فإن تاريخ السويداء في مقاومة مشاريع التفتيت يشير إلى أن هذه المحاولات، وإن كانت خطيرة، ستواجه بصمودٍ يبدأ بالوعي أولاً ثم برفضها والتكاتف لاجتثاث الحالات الغريبة عن بيئة وعادات بني معروف عموما وأهل السويداء خصوصاً.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى